إنْ أكلتني الرّيحُ ، أصير كثيباً، تمرّين بي كغزال أَحفظُ لدمِها من ذئب الغضا، تلتقط الكلأ بشفاهٍ ذاهلة عن الكلام.
تهبني العتمةُ عينَيْ بومةٍ ترى فأرَ غيابكِ ، فقلبي كفكِّ عجوزٍ، أُسْقِطُه بكأسِ بكاء قبل النّوم ، فلا أجترّ كبقرة حلوبٍ الأحلام.
أرفعُ بصمتكِ دخانَ محرقة عن الأشياء، فتخلع النّداء، تدخلُ في الغياب. هذا الفراغ المزيف.
قالوا:
صدرُه كالتّنور، تُلْقِمُه زهورَها، تُشعل نارَه بعود ثقابٍ حكّته بنهدها، فتخفق النّارُ كراية.
قلبهُ قرصُ عجينٍ ، تَدْحيه بفخذها، ترقق حوافَّهُ بأصابعها النّاعمة كالمرآة، تُلصقه في الميسرة كسكر تنزع به شعر إبطها، تعلّقه هناك؛ ليصبح ساعة حائطٍ تتمرجح على نواسها ، فتنفخ الرّيحُ تنورَها.
أقول:
الليلُ عسلٌ أسودٌ
القمرُ ملكةُ نحلٍ
النجومُ نحلاتٌ عاملات.
هذا الليلُ عسلٌ أسودٌ
أنا اليعسوبُ الذي حباكِ خليةً من طمأنينةٍ
تجرّه نملاتٌ سوداء
لمؤونة الشتاء.
قالت:
اسقطْ قناعَ الموسيقى عن الوتر
يَعرفُ أبوّتَه السّفرُ
ما هذا القوس لنهدٍ بل لقمر السّهر.
انزعِ السّهم من ظهر الحَرْف، اعقدْ به شَعر النثر
لا حبرَ اليومَ إلّا كُحلي لا قلمَ اليومَ إلّا مرودي.
قالوا:
هكذا تكلّم الظّلُّ وسَفَحَ ماءَ القدر:
اجرحي قلبي، فالدّم النّازف يُدفِئ كالكفن.
11/1/ 2014
أنتِ لا تستحمين بالماء, الماءُ يستحم بكِ.
يحطّ الغبارُ
يطير الغبارُ
وبإصبعٍ مبلولةٍ بلعاب الشّمسِ أحدّد جهةَ الصلْصَالِ
أدير على خشبة القمر عجين حبّ الطّلعِ
هذه السّماءُ مزهرية والشّمسُ زهرة عبّاد شمسٍ.
يحطّ الغبار
يطير الغبار
تصبّ السّماء الرّصاصَ في الصّلاة، فيظهرُ نقشُ وجهي؛ أنا مَن سرقتُ رصاصاتِ الحسدِ مزخرفاً صومعة الانفجار في قصبة ناي، فأردي حنيني عن نفسه.
يحطّ الغبار
يطير الغبار
أيّها السّرير يا منفضتي الفارغة ، الذي أُطفئ نفسي فيه كسيجارة ، لا تتركْها تطلقني كالكبش يحمل شفرة وزناداً بين الحالمين.
يحطّ الغبار
يطير الغبار.
16/1/ 2014
قلْتِ: عينُكَ قاربٌ أخرقُ قاعَه بدمعةٍ؛ لأنّ امرأةً هناكَ تأخذُ البصرَ غصباً.
هو:
أنا بيضةٌ في شطّها الغربي وما ناداني غيبٌ ، لكنْ كقلبٍ قلّبتُ مكسَر الموج وبُعثْتُ أمّةً وحدي أبني الفنار من أصدافٍ ، أحرقُ لؤلؤَها بخوراً كلّما كشفَتِ الرّيح عن ساقٍ.
*****
للحبّ منقارٌ أكسُرُ به قشرة مرجان القلبِ ، فأخرجُ كسلحفاةٍ تشتهي الملح المظلّل بخيال نورسٍ جائعٍ ، أحتلمُ ، أقذفُ نفسي في الموج تاركاً طاولةَ الرّملِ التي احتضنتكِ مذ تأوّهتِ متألمةً من سخونةِ قهوةٍ لسعتْ ظهر شفتيك، فجمحتا هلالاً ... بدراً.
*****
أعدّ أسماءكِ الحسنى إلّا أنّي في صحوة الموتِ، أنا طباخ العزيزِ، من ترشفُ الفراشاتُ من سائله العنكبوتي؛ ها قد تنبأتَ لي أيّها القميصُ المشقوقُ من دبرٍ: ليستْ طفولةً أنْ أقصّ زرقةَ السّماءِ لأصنعَ شطاً لقدميك ، يا ربّة التفاصيلِ الصغيرةِ، أنا فأرُ الحقلِ، فأرسلي بومتكِ ذات العينِ المستديرةِ كقيدٍ.
*****
نفَسُكِ ينبتُ على صدري، يحركُ نجيلَه الأسود. وريقات خضراء تزفرين ، وريقات خضراء حارّة كلهب قدّاحة أستضيء بها في تحديقي في ضوءِ الغرفةِ الكهربائيِّ الذي يشعُّ من جرّة يبني فيها النّحل خلايا تستقطب ضوء الزنبق من سماء بعيدة. أشعل بلهيبها سيجارتي الوحيدة وأضربُ بدخانها رصيفاً غادرته القطط خلف فئران سئمتْ من عداوة الكلاب للقطط.
هي:
وقلتُ للدّربِ، أنا حبلى ، فمهّد لي النّهر سريراً من السّمك وإذْ جاءني المخاض مدّتِ الدّاليةُ جذعَها تسندُ ظهري، فولدتَ بين طرفٍ وطرفٍ لم يرتدْ ، قلباً يهيم بي وبقبلةٍ على ظهركَ أخذتَ النّفَس الأول وإذا جعتَ ألْقمتكَ شرْياني ، نبضة ، نبضة كشفتين تتفتحان في قبلة ، نظرتُ إليكَ.
أعطاني العصفور عشّه قماطاً لكَ وشجرةُ الغار قدمتْ صابونة لشغافكَ ونباتُ الطّيون صار مهداً تنام فيه على صوتِ حكايتي.
وإذا سُئلتُ، أتحبين قلباً لا أحد يعرف أباه؟ أجبتُ: إنْ لم يكن في الحبّ كلّ الأبوة والأمومة، فهو ليس بحبٍّ ولا تعلقُ نطفته في رحم الزّمانِ.
أنا:
أيّها الجبان كيفَ تتركُ الشّفرةَ تصدأ ورسغكَ لسانُه ممدود.
4/4/ 2014
من ديوان مخطوط بعنوان " ما القمرُ إلّا قطعةُ نقدٍ سقطتْ من مال الله ، أرميه مقامراً، أهو حضور أمْ غيابْ؟ فيأتي نقشُه وجهَكِ"